قد نكون الآن على أعتاب استعادة صحتنا. طوال حياتي، كنت أحيانا بديناً وأحياناً نحيلاً. منذ أن كنت طفلاً، وأنا أكسب الوزن وأفقده مراراً. كانت هذه دورة من اليأس. ولم يساعدني كوني طبيباً ورئيساً سابقاً لإدارة الغذاء والدواء. مثل ملايين غيري، كنت محاصراً بين ما فعلته صناعة الأغذية لجعل النظام الغذائي الأميركي غير صحي، وبين ما يمكن لجسدي تحمله. لكننا الآن على وشك استعادة صحتنا.
فالأدوية الجديدة والفعالة جداً لمكافحة السمنة أحدثت ثورة في فهمنا لفقدان الوزن، بل وفهمنا للسمنة ذاتها. هذه الأدوية ليست حلاً سحرياً لأزمة السمنة التي تجتاح البلاد، ولا ينبغي أن نخطئ في اعتبارها كذلك، لكن فعاليتها تؤكد حقيقة أن زيادة الوزن أو السمنة لم تكن أبداً نتيجة لضعف الإرادة. إنها نتيجة بيولوجية، وهذا هو سبب فعالية هذه الأدوية.
فهي تساعد الناس على الشعور بالشبع بعد الأكل، وتقلل من الرغبة الشديدة التي تشكل جوهر إدماننا للأطعمة المعالجة والمغرية، والتي تملأ رفوف المتاجر منذ خمسة عقود. عادةً ما تُسمى هذه الأطعمة بـ«فائقة المعالجة»، لكنني أُفضل تسميتها «فائقة التركيب» لأنها صُممت خصيصاً للتلاعب بنظام المكافأة في الدماغ. هذه الأطعمة أصبحت بمثابة السجائر الجديدة، وسببت، بالمثل، كارثة صحية. يعاني 40% من البالغين الأميركيين الآن السمنة.
وقد ساهمت هذه الأطعمة في زيادة الأمراض المرتبطة بالدهون الحشوية، أو ما أسميه «الدهون السامة» - وهي الدهون التي تتراكم داخل البطن، وتحيط بالكبد والقلب والبنكرياس. وتشمل هذه الأمراض المزمنة أمراض القلب، والسكتات الدماغية، والسكري، والسرطان، وربما بعض أشكال الخرف. وتعد الدهون الحشوية والسمنة بشكل عام من الأسباب الرئيسية لانخفاض متوسط العمر المتوقع للأميركيين مقارنة بغيرهم في الدول الصناعية الكبرى - بفارق يصل إلى أربع سنوات. مع بلوغ الكثير من الناس سن الشيخوخة، غالباً ما يكون الأطباء بصدد علاج مضاعفات صحية متعددة ناجمة، في معظمها، عن تراكم الدهون الحشوية طوال العمر.
عادةً ما يعالج الأطباء هذه الحالات تدريجياً، باستخدام أدوية تخفض الكوليسترول، وتخفض ضغط الدم المرتفع، وتسيطر على مرض السكر. قد تمثل أدوية مكافحة السمنة بديلاً لهذا النهج، لأنها تبدو وكأنها تحسن العديد من المؤشرات الصحية.
يبدو أن أدوية السمنة تعدل المسارات الدماغية المرتبطة بإدمان الطعام، والتي تنشط بفعل الأطعمة المصنعة، مما يساعد الناس على تغيير أوزانهم بطريقة حاسمة. قد تؤدي الحمية التقليدية إلى فقدان 5 إلى 7% من الوزن. أما أدوية مكافحة السمنة فتضاعف ذلك وأكثر. ومع ذلك، فهذه الأدوية ليست سحرية. وصفها دون تدخلات أخرى مثل التغذية الصحية، وممارسة الرياضة، والعلاج السلوكي لتغيير نمط الحياة ليس علاجاً طبياً جيداً. وللأسف، معظم الأطباء ليس لديهم تدريب في التغذية أو إدارة الوزن.
كما أننا لا نعرف بعد ما إذا كان استخدام هذه الأدوية على المدى الطويل آمناً أو عملياً. تشير دراسات عديدة إلى حقيقة خبرناها جميعاً: عاجلاً أم آجلاً، تفشل معظم خطط فقدان الوزن، حتى أدوية مكافحة السمنة يكون مفعولها محدوداً، إذ تُظهر البيانات أن معظم الناس يستخدمونها لأقل من عام، وما إن يتوقفوا عن استخدامها حتى يعود معظم الوزن المفقود. من أسباب التوقف عن استخدامها ارتفاع تكلفتها، وعدم تغطية التأمين لها. وهناك أيضاً الآثار الجانبية. فهي تعمل عبر تقليل كمية الطعام التي نتناولها، وأحياناً بشكل كبير، ما قد يكون خطيراً. كما تبقي الطعام في المعدة لفترة أطول، ما يسبب شعوراً بالشبع، لكنه قد يؤدي أيضاً إلى الغثيان أو الانزعاج. ويجب على شركات الأدوية أن تكون أكثر شفافية بشأن هذه الآثار الجانبية، التي توازن بين تأثيرات الطعام الإدمانية والممتعة، وتقلل مما يسمى بـ«ضجيج الطعام» - الأفكار المستمرة حول الأكل التي تؤرق من يعانون الوزن الزائد. والفكرة الأساسية أن هذه الأدوية تساعد الناس على تعلم تناول كميات أقل من الطعام.
وهذه فائدة عظيمة. ما يثير القلق هو أن إدارة الغذاء والدواء وافقت على استخدام هذه الأدوية على المدى الطويل دون أن تطلب من الشركات إجراء دراسات طويلة الأمد عن كيفية استخدامها في العالم الواقعي. من غير الواقعي أن نظن أن الناس سيظلون على أدوية باهظة الثمن ومليئة بالآثار الجانبية مدى الحياة.
هناك حاجة إلى بحوث تبين كيف يمكن للمستخدمين التوقف عن تناولها بأمان، وفهم أفضل لمخاطر فقدان الوزن السريع عند كبح الشهية. الجمع بين أساليب العلاج تحت إشراف أطباء متخصصين في طب السمنة وأخصائيي تغذية قد يكون الاستراتيجية الأفضل على المدى الطويل. هذه الأدوية تقدم فرصة للناس لتحسين صحتهم في وقت تعاني فيه أجسامنا كمجتمع من مرض مزمن. لقد تأثرت صحتنا بفعل «قنابل الطعام» فائقة التركيب، وتوفر أدوية مكافحة السمنة، أملاً في إبطال مفعولها. وإذا أردنا فعلاً أن نجعل أميركا أكثر صحة، فعلينا أن نواجه الأضرار الأيضية التي سببتها هذه الأطعمة، ونتخذ خطوات لحماية الجمهور منها. متطلبات وضع العلامات الغذائية الحالية غير كافية.
ينبغي للمستهلكين أن يعرفوا وظيفة وآثار كل مكون في الأغذية المعلبة التي يشترونها، ويجب أن تتوفر هذه المعلومات لكل منتج. كما أن التوجيهات الغذائية الوطنية الحالية مكتوبة لأجسام صحية. نحن بحاجة إلى إرشادات غذائية موجهة للأميركيين الذين يعانون مقاومة الإنسولين، أو المعرضين لخطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، ومشاكل صحية أخرى، أو من يجدون صعوبة في الحفاظ على وزن صحي.
أدوية مكافحة السمنة أدوية ثورية يمكن أن تقلل من السعرات الحرارية بشكل كبير، وتحسن الصحة بطرق لم أكن أتوقع أن أراها يوماً. والآن، علينا أن نكمل هذه الثورة بمواجهة صناعة الأغذية وأطعمتها المصنعة التي تسهم في بعض من أخطر المشكلات الصحية التي تواجه أميركا اليوم.
ديفيد إيه كيسلر*
*طبيب شغل منصب مفوض إدارة الغذاء والدواء الأميركية خلال عهدي جورج بوش الأب وبيل كلينتون.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»